مقالات: ابتسم لك صدقة!      •      غريزة حب الذات وكيفية التعامل معها (1)      •      عيد الفطر السعيد      •      ابحث عن النجاح .. تجده      •      هل تجوز ممارسة العادة السرية لمن يخشى الوقوع في الزنا وما إليها من المعاصي العظمى؟      •      مسائل وردود: متى تبدأ السنة الهجرية؟      •      كيف أصلي جماعة؟      •      كيف أكف عن معصية الله؟      •      هل يعتبر تخدير الجسم من المفطرات؟      •      هل الحوزة تمثل المدرسي أم الشيرازي أم..؟      •     

» غريزة حب الذات وكيفية التعامل معها (1)
» الكاتب: حسن موسى - قراءات [ 13570 ] - نشر في: 2009-01-10           [طباعة] [إرسال لصديق]


غريزة حب الذات وكيفية التعامل معها

إن غريزة حب الذات والتي هي مجال حديثنا، غريزة متجذرة في نفس الإنسان لايمكن إنكارها أو التنكر لها، بل ربما تكون هي أصلا، وأما لبقية الغرائز الأخرى رغم أن النظرية الماركسية تتنكر لها.

التعامل مع غريزة حب الذات

إذن تجاه غريزة حب الذات كيف يجب أن يكون موقفنا؟ هل نطالب الإنسان أن يتنكر لها ويفكر في مجتمعه فقط، أم يطلق العنان لها؟

لقد أودع الله هذه الغريزة في الإنسان وعن طريق هذه الغريزة يحمي الإنسان نفسه ويخاف على حياته، فإذا لم يحب نفسه فلن يحب الخير لذاته ولن يدفع الشر عن نفسه، وإذا أفرط الإنسان في حب ذاته فإنه يضر نفسه ومجتمعه فيستعمر الآخرين ويستثمر جهودهم ويعتدي على ممتلكاتهم وحقوقهم، هذا شيء طبيعي حتى قال الشاعر:

والظلم من شيم النفوس فإن     تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم

فلأن الإنسان عنده غريزة حب الذات فإنه يتحين الفرص ليأخذ من الآخرين لذاته.

فليس من المعقول أن نفتح المجال ونطلق العنان للإنسان حتى يمارس هذه الغريزة كيفما يشاء.
إذن ما هو الطريق؟

الطريق الصحيح ما اختاره الإسلام للبشرية، أنظروا إلى الحل الرائع الذي يقدمه الإسلام لهذه المشكلة المستعصية في حياة الإنسان، الإسلام يقول يجب أن نطور مفهوم حب الذات عند الإنسان، بعبارة أخرى: الإسلام يرشد الإنسان إلى الطريقة الصحيحة لحب ذاته وخدمة نفسه.. كيف؟

الإنسان لديه نظرة: أنه يمتلك فرصة واحدة في الحياة الدنيا ولا يوجد فرصة سواها، كل واحد يعيش فترة في هذه الحياة ثم تنتهي مدته وينتهي كل شيء.

حينما تتمكن هذه الفكرة من الإنسان ويتصور أن حياته فقط في الدينا، فإنه يبنى حساباته على هذا الأساس، فما دامت الفرصة الوحيدة أمامي هذه الدنيا، وأنا أحب ذاتي، وفي الدنيا شهوات ولذات، ومتع وأهواء ومصالح، فالنتيجة الحاصلة هي أن أمتّع نفسي، وأوفر لها كل ما تحتاج من الشهوات واللذات ولو كانت على حساب الآخرين.

ولذا الإسلام يوجه الإنسان ويقول له: إنتبه! إن هذه الفكرة هي مكمن خطأك ومصدر شقائك، من قال لك أنك تعيش سنوات ويأتي الموت ويسدل الستار على مسرحية الحياة؟

هل أن الله يوجد الحياة من أجل أن يعيش الإنسان ثم يمضي وكأنه لم يكن شيء؟

(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)[المؤمنون: آية 15].

الإسلام يخاطب الإنسان ويقول: أيها الإنسان وجودك في هذه الحياة ما هو إلا وجود مؤقت؛ ما هو إلا مرور سريع في هذه الدنيا، أمامك حياة أخرى وما دامت تحب نفسك فيجب أن تخدمها في الدارين، في هذه الدنيا تعيش خمسين أو ستين أو سبعين سنة ولكنك في الآخرة ستعيش دار الخلود ملايين السنين. فإذا كنت تحب نفسك هل من العقل في شيء أن تسعد مئة سنة وتشقى مليون سنة؟؟

وإذا كنت في الدنيا تريد أن ترتاح وتأكل وتشرب وتمارس الغريزة الجنسية وتمتلك. أفلا تريد مثل هذه الأمور في الآخرة؟ فإذا كنت تريدها فلماذا لاتعمل من أجلها؟ وهذا يستدعي من الإنسان أن يؤطر غرائزه بالأطر التي أمر بها الإسلام، وتصب في القنوات التي سمح بها الإسلام، فالغريزة الجنسية يجب أن يكون مصرفها الزواج المشروع وحب التملك يجب أن يحدث عن طريق الكسب الحلال والمشروع.. على أن لا تكدس تلك الأموال والأملاك دون أن تفيد منها المجتمع..

هذا المفهوم من حب الذات مفهوم شامل يوسع مدارك الإنسان ويسير به نحو التقدم والتخلص من الأخطار والمشاكل والتوازن بين الحياتين مصداقًا للدعاء الوارد في القرآن الحكيم.

(رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 16].

فإنك في هذه الدنيا لاتقبل لنفسك أن تأكل القاذورات، لكنك حينما تسرف في هذه الغرائز وتشبع رغباتك الشهوانية بالحرام، فإنك في الواقع تمهد الطريق لنفسك لأكل القاذورات التي هي أقذر مما في الدنيا، إنها قاذورات الآخرة التي يصفها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله:

(لَيْسَ لَهُم طَعَاْمٌ اِلَّا مِنْ ضَرِيْعٍ) [الغاشية: 6].

(فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ هَهُنَا حَمِيْمٌ، وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِيْنٍ) [الحاقَّة: 35-36].

(إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَاْلاً وَجَحِيْمًا وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيْمًا) [المزمِّل: 12-13].

(كَالمُهْلِ يَغْلِي فِي البُطُونِ كَغَلِيّ الحَمِيْمِ) [الدخان: 45-46].

(هَذَا فَلْيَذُوْقُوهُ حَمِيْمٌ وَغَسَّاقٌ) [سورة ص: 57].

والغسَّاق هي فضلات أهل النار التي تخرج من أجسامهم تعاد لهم ثانية فيأكلونها، فهل يرتاح الإنسان لأكل مثل هذه القاذورات؟!

فلماذا إذن يجرى البعض كجري النهر الغاضب وراء الشهوات والملذات دون أن يتطلع إلى الآخرة ويكون له مستقبلاً سعيدًا هناك، إن مثل هؤلاء يخاطبهم القرآن الكريم ويقول:

(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ) [الأحقاف: 20].

 
إلى أعلى إلى الخلف - Back

 

أنت الزائر رقم
976