الحسين حركة الأحرار في عالم غص بالجهل واكتحل بالظلم، هو ثورة الضمير المتمرد على بقايا عفنة من أشلاء يزيد، أبى الحسين أن يلبس الذل رداءً، وأن يحابي من أجل رفعة زائفة في دنيا فانية.
وما ذكرى عاشوراء إلا ومضة مضيئة من تاريخ كربلاء نستلهم منها دروس الحرية والإباء، وما ثورة الحسين إلا ذلك البركان الثائر الذي يوقظ بحركته القلوب النائمة التي انسلخت من حريتها وتدثرت بدثار الخنوع والجهل.
فلم يكن الحسين يوما آلة صماء تحركتها أيدي العابثين، بل هو صاعقة مدوية في وجوه المردة والعتاه، اليوم عادت كربلاء وعاد سر خلودها، اليوم يرتوي من زلال نبع عاشوراء كل فؤاد مضه الألم، وترتسم على شفاه المستضعفين بسمة تشعل في حناياهم روح الحماس وتشرق في نفوسهم بارقة الأمل ليجددوا عهدا مع الحسين وعهدا مع أنصار الحسين.
هيهات منا الذلة، اليوم تعجز كل قوى الاستكبار من إيقاف ذلك المد الحسيني، كربلاء هنا وكربلاء هناك، حسين هنا وحسين هناك، وزينب هنا وزينب هناك، اليوم تخرس ألسنة النفاق، وتخمد نيران الدكتاتورية فيصبح الدهر كله حسينيًا.