إن أول ما يواجهنا في هذا الحديث هو السؤال عن حقيقة الثقافة وإنها ما هي ما وهو الفارق بينها وبين العلم والمعرفة؟..
إن الثقافة -كما تفيد اللغة- هي المعرفة التي تؤثر في عقيدة البشر وسلوكه وعلى هذا نصطلع في أحاديثا القادمة ونقصد من الثقافة.
ومن هنا تشمل الثقافة في مصطلحنا الدارج الآن الفلسفة، وعلم النفس والاقتصاد والاجتماع، وتفسير التاريخ والشريعة وما أشبه، وتجمعها كملة واحدة هي: "كل ما يتأثر بالرآي أو النقل فهي ثقافة" لأنه يتأثر بالرأي أو النقل إلا ما يؤثر في تكوين النفسيه البشرية.
وعلى ذلك فليست علوم الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والرياضيات، ليست كل ذلك وكل ما شابه ذلك من الثقافة إلا بعيد، وذلك الوجه هو عند استخلاص النتائج العامة من هذه العلوم حيث تدخل آنذاك ضمن الثقافة لأنها تدخل في نطاق الفلسفة.
فلو أراد احد مثلاً أن يستكشف من ظاهره طبية: (حكمة الله) ويوجه الناس بها إلى الله سبحانه كان موجهاً ثقافياً، إذ ان استخلاص هذه النتيجة من العلم والاستفادة منها في التربية العنوية يكون عملاً ثقافيًا.
والمنطق الاسلامي يسمي الثقافة بـ "العلم" ويسمى باسم آخر وهو "الحكمة" ولذلك يأمر بأخذ العلم من القيادة الاسلامية خاصة في حين يحرّض على أخذ الحكمة من كل إنسان كافر أو مسلم، اذ يقول: "الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها أخذها".