بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمسلمين محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا...
أما بعد...
موضوعنا هنا يتمحور حول الحجاب الشرعي (الحجاب الإسلامي)، وسنتناوله محورين للحجاب هما: أنواع الحجاب الشرعي، و حدود الحجاب الشرعي. نسأل الله الموفقية لنا ولكم في الدراين ... والله ولي التوفيق...
المحور الأول: أنواع الحجاب الشرعي:
هناك نوعين للحجاب الشرعي: ظاهريٌ، وباطني:
- فالظاهري: فهو الحجاب الذي أمر الله عز و جل الفتيات و النساء الإلتزام بمواصفاته كساتر للبدن أمام الرجال غير الزوج و المحارم، و قد أمر به في القرآن الكريم، و أكدته أحاديث النبي الأكـرم (صلى الله عليه و آله) و الأئمة المعصومون (عليهم السلام).
وقد فصل الفقهاء المراجع بيان ذلك في رسائلهم العملية وفتاويهم، وسنشير إلى حدوده باختصار.
إن الواجب في ارتداء الحجاب هو ستر الفتاة أو المرأة لكافة أجزاء بدنها، ما عدا الوجه والكفين والمحارم، ولا خصوصية للجلباب في الحجاب إذا حصل الستر بغيره.
- أما الباطني: فهو ما أمر الله عز وجل به الفتاة و المرأة كما أمر به الشباب و الرجال أيضاً في القرآن الكريم و أكدته أحاديث نبيه الكريم محمد (صلى الله عليه و آله) و الأئمة المعصومون (عليهم السلام).
و المقصود بالحجاب الباطني هو ما يحجب الانسان عن الرذيلة و الفساد و كل ما يسخط الله، أي العفة و الحشمة و غض البصر، و الحجاب الباطني هو الحجاب الذي يتعلق بسلوك الفتاة و المرأة ، و كذلك الفتى و الرجل، و هو الأهم، حيث أن كل من الحجابين مكمل للآخر، و لا معنى للحجاب الحقيقي إلا بمراعاتهما معاً.
قال الله عز وجل: ﴿...وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ...﴾. [سورة الأحزاب الآية 33].
وقال الله جل جلاله: ﴿... قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ...﴾ [سورة النور الآيتين 30-31].
المحور الثاني: حدود الحجاب:
يجب أن يتوفر في الساتر (الحجاب) الشروط التالية:
1. أن لا يكون مثيرًا.
2. أن لا يكون ضيقًا بحيث يظهر مفاتن البدن. (وهذا شاع استخدامه هذه الأيام كالجلباب أو ما يسمّى بالبالطو).
3. أن لا يكون رقيقًا، بِحَيث يُرى من خِلاله ما يجب ستره (أي أن لا يكون شفّافًا يمكّن الناظر لرؤية المكان المستور).
فإذا إجتمعت الشروط المذكورة في ما يستر البدن كان هذا الساتر حجاباً شرعياً، وهنا لا بد أن نشير بأن ستر القدمين أيضاً واجب من الأجانب، و لا فرق في ستره بالجورب أو بغيره.
هذا و يُعتبر الكُحل و الحنّاء و الخاتم و السوار و حَفّ الشعر من الزينة الظاهرة التي لا يجب سترها إلا إذا استوجب الإفتتان.
وفي الختام نبتهل إلى الله عز وجل مخلصين بدعائنا إليه: الله ارزقنا توفيق الطاعة وبُعد المعصية وعرفان الحرمة، واغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة، وتفضَّل على المؤمنين بالإنابة والتوبة، وعلى المؤمنات بالحياء والعفة.