يمتاز
الإنسان عن الحيوان بأنه عاقل يدرك الأشياء إداركًا عقليًا، وبأنه يملك إحساسًا
أخلاقيًا ووجدانيًا، وعن طريق العقل والأخلاق يبني علاقاته الإنسانية والاجتماعية،
فالإنسان يدرك معنى العدل والظلم والقسوة والرحمة والصدق والكذب والغش والنصيحة
واحترام الآخرين وإهانتهم والعفو والانتقام والغيرة والحياء والخجل والحقد والغرور
والتواضع والكبرياء والجشع والأنانية والإيثار.. إلخ
كما
للمجتمع أعرف وآداب، وتقاليد حسنة ونافعة، والإنسان يميز الحسن من القبيح، والنافع
من الضار، ويدرك بعقله أن الالتزام بالأخلاق الحسنة والآداب والأعراف السليمة قضية
إنسانية سامية تساهم في بناء الحياة وإصلاح المجتمع، وتحقيق الأمن والاستقرار،
وتحفظ حقوق الإنسان وكرامته كما تحفظ الحرية ذاتها.
والإنسان
عندما يملك الحرية، ويتمرد على القانون والأخلاق من غير حياة ولا خجل، ولا مراعاة
لآداب المجتمع وأخلاقه الحسنة، ويفعل الأشياء السيئة والضارة باسم الحرية؛ فإنه
يسيء استعمال الحرية، ويسيء إلى الحرية وإلى المجتمع، لأنه يعتدي بذلك على نظام
الحياة، وعلى مشاعر الآخرين وآداب المجتمع السليمة، التي تحفظ له استقراره
وتماسكه، ولذا يتحول هذا الإنسان إلى هدام في جسم المجتمع باسم الحريةـ فليس معنى
الحرية أن يفعل الإنسان ما يشاء من غير احترام للأخلاق والآداب والقانون العادل..
إن حدود
الحرية هي القانون العادل والعلم والأخلاق والإيمان، ولأهمية الأخلاق في تكوين
الشخصية الإنسانية، وبناء المجتمع كانت من العناصر الأساسية في رسالات الأنبياء،
لذا يقول الرسول الكريم (ص): (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
إن
البعض من الناس يتصور أن منعه من فعل بعض الأعمال الضارة ونهيه عنها عملًا يخالف
الحرية، فيتصور أن والديه عندما يمنعانه من مصاحبة بعض الأشخاص أو يطلبان من ترك
بعض العادات أو الأفعال، يتصور أن ذلك العمل هو فرض سيطرة الوالدين عليه وخلافًا
لحريته.
إن هذا
الفهم للحرية فهم خاطئ، وأن التوجيه والإرشاد والإصلاح قضية ضرورية للإنسان، لا
سيما في بداية حياته، فهو بعد لم تكتمل خبرته وتجاربه في الحياة، وهو يحتاج إلى
نصيحة وإرشاد والديه أو معلميه أو أصدقائه أو غيرهم من المرشدين والمصلحين، فإن
تلك النصائح و التوجيهات هي لصالح الأبناء أنفسهم..
وقد
يخطئ البعض، فيتصور أنه عندما يتمرد على نصائح والديه ومن يرشده ويوجهه من الناس
الآخرين، يتصور أن هذا التمرد تعبير عن الحرية وقوة الشخصية، إنه ليس كذلك، بل هو
تعبير عن سوء الفهم وسوء تقدير المصلحة، وأنه خطأ سيندم عليه الإنسان عندما يواجه
المشاكل والمتاعب، ولكن بعد فوات الأوان..