قد وردت علامات للبلوغ في السنّة الشريفة:
1. الاحتلام.
2. الاِنبات.
3. السن.
فلنتناول الاحلام والانبات بالبحث، فنقول:
1- الاحتلام:
لقد تضافرت الروايات على أنّ الاِحتلام من أمارات البلوغ، وقد عبّر عنه في الروايات، تارة بالفعل الماضي، أعني: قوله: «إذا احتلم». أو بالمصدر، أعني: قوله: "إِذا بَلَغُوا الحُلُم"، كما نلاحظه من الروايات التالية:
1. ما في خبر طلحة بن زيد، من قول أبي عبد اللّه عليه السَّلام: «فإذا بلغواالحلم كتبت عليهم السيئات».
2. ما في رواية حمران من قول أبي جعفر(عليه السلام): «لا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة، أو يحتلم، أو يشعر، أو ينبت». والاِنبات هو وجود الشعر في العانة، بخلاف الاَوّل وهو وجوده في غيرها. إلى غير ذلك من الروايات.
والروايات تعاضد الآية، حيث إنّالبلوغ أمر تدريجي، فلو احتلم قبل السن يحكم ببلوغه، وأمّا إذا احتلم بعد السن فيكشف عن بلوغه السابق.
والظاهر من الروايات وكلمات الفقهاء عدم الفرق بين الذكر والأنثى.
قال المحقّق: من علامات البلوغ خروج المني الذي يكون منه الولد من الموضع المعتاد ويشترك في هذا، الذكور والاِناث.
وقال العلاّمة في «القواعد»: الثاني خروج المني الذي يكون منه الولد من الموضع المعتاد سواء الذكر والاَنثى.
وقال السيد الطباطبائي في العروة: المرأة تحتلم كالرجل، ولو خرج منها المني حينئذٍ وجب عليها الغسل، والقول بعدم احتلامهن ضعيف.
وفي صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل، قال: «إن أنزلت فعليها الغسل، وإن لم تنزل فليس عليها الغسل».
ومع هذا الدعم من الفقهاء والروايات على احتلام المرأة، نجد انّثلّة من علماء الطبيعة ينفون أن يكون للمرأة منيّاً، بل يرون أنّ لها بويضة تتلاقح مع الحيوان المنوي، وليس لها سائل دافق باسم المني، وما يشاهد من السوائل عند الملاعبة فليس منيّاً لها. واللّه العالم.
2- الإنبات:
والمراد إنبات الشعر على العانة من دون فرق بين الذكر والاَُنثى، قال الشيخ في الخلاف: الاِنبات دلالة على بلوغ المسلمين والمشركين.
وقال أبو حنيفة: الاِنبات ليس بدلالة على بلوغ المسلمين ولا المشركين ولا يحكم به بحال.
وقال الشافعي: هو دلالة بلوغ المشركين وفي دلالته على بلوغ المسلمين قولان.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم من غير تفصيل.
وأيضاً ما حكم به سعد بن معاذ على بني قريظة، فإنّه قال: حكمتُ بأن يُقتل مقاتِلهم، ويُسبى ذراريهم وأمر بأن يكشف عن عورتهم، فمن نبت فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذراري، فبلغ ذلك النبيّ (صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم) فقال: «لقد حكم سعد بحكم اللّه من فوق سبع سماوات» وروي «سبعة أرفعة».
والعجب من بعضهم التفريق في هذه العلامة بين المشرك والمسلم. وهل العلامة مطلق إنبات الشعر ولو في الوجه وتحت الاِبط والصدر أو نباته على العانة فقط؟ ويذكر الاَطباء الثانية (الاِنبات على العانة) على اعتقاد منهم بأنّ إنبات الشعر على العانة له صلة بالقابلية على الاِنجاب، وقد وردا في بعض الروايات معاً ـ كما مرّ ـ قوله: أشعر أو أنبت قبل ذلك.
ثمّ الظاهر من إطلاق معقد الاِجماع انّه علامة البلوغ مطلقاً من غير فرق بين الذكر والاَنثى ومن فرّق بينهما، فقد فرّق بلا وجه.
هذه هي العلامات العامة المشتركة بين الذكر والاَُنثى، بقي الكلام في العلامة الخاصة لكل منهما وهي السن، وقد ألّفنا الرسالة لاِيضاح هذا الجانب.