تعريف الحب:
الحب هو إنجذاب القلب بصورة غير إرادية نحو المحبوب من الجنس الآخر لأسباب قد تختلف من شخص لآخر، وقد يرافق الحب أنواعًا من التمنيات والآمال والتصورات، كأن يتمنى الحبيب أن تصبح حبيبته شريكة حياته.
الحكم الشرعي للحب:
إن الإسلام لا يخالف الحب ولا يُحَرِّمَه بصورة مطلقة، بل يُقدِّسَه ويحترمه ويُثيب عليه إن كان حبًا صادقًا متصفًا بالصفات الشرعية التي دعت الشريعة الإسلامية إليه، وذلك لأن الحب في واقعه أمر غريزي وفطري وآية من آيات الله المهمة، جعله الله عز وجل بين الجنسين سببًا لاستمرار النسل البشري واستقراره وراحته وسدَّ حاجته، ورفع النقص والحرمان عن الجنسين بواسطة انشداد كل منهما إلى الآخر لكن بالطرق المشروعة وضمن الأطر الشرعية، قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾(1).
فإذا كان الحب صادقًا منبثقًا من القلب وبأهداف سليمة وشرعية، بُغية الوصول إلى زواج شرعي، فهذا النوع من الحب جائز، لا إشكال فيه إن توقف عند هذا الحد، ما لم يتعدى إلى النظر واللمس المحرم، أو المحادثات المحرمة.
ولعل الصحيح أنَّ هذا النوع من الحب – البريء من الحرام – ليس له مصداق في الواقع الخارجي – قبل الزواج – إلا نادرًا، ذلك لأن أغلب ما يجري بين الجنسين في العصر الحاضر ليس من هذا القبيل، بل هو علاقة جنسية شبه متكاملة ملؤها الإفتتان والإثارة والشهوة المحرمة التي تكون عاقبتها الإنزلاق إلى مهاوي الرذيلة والفساد، ومن الواضح أن هذا النوع من الحب حرام يجب الابتعاد عنه.
الحب المشروع:
أما الحب المشروع الذي دعى إليه الإسلام هو الحب الصادق والطاهر الذي لا بُدَّ أن يكون بين الزوجين، والذي إن حصل سيحول العش الزوجي إلى جنة تملؤها السعادة والهناء.
حب النساء:
روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): أنه قال: " من أخلاق الأنبياء حب النساء " (2).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضًا أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبدًا " (3).
حكم الحب المتبادل خلال فترة الخطوبة:
ما يجري من الحديث بين الخطيب وخطيبته خلال فترة الخطوبة – قبل أن يتم العقد الشرعي للزواج – يجب أن لا يخرج عن حدود التخاطب الجائز بين الرجل والمرأة غير المحرمين، حيث أن الخطيبين ما لم يتم إجراء عقد الزواج الشرعي بينهما حكمهما من الناحية الشرعية حكم ما قبل الخطوبة، والخطوبة لا تحدث شيئًا، فعليهما تجنب الكلام المثير للشهوة كالمغازلة وكلمات الحب.
ثم ما المانع من أن يتم عقد القرَان الشرعي والرسمي بين الخطيبين منذ الساعات الأولى من الاتفاق على الخطوبة – ويؤخر الزواج بالتوافق بينهما حتى يتم التحضير له – ولذلك حتى لا يقع الشباب والفتيات في الحرام.
حكم الحديث المتبادل بين الجنسين:
التحادث عبر الهاتف بين الجنسين غير المحارم جائز فيما لو كان الحديث المتبادل بينهما حديثًا عاديًا خاليًا عن المغازلة والغرام والجنس، فتجوز المحادثات العلمية أو التجارية أو المَعرفيَّة الخالية من الغرام والجنس ما لم يخش الإنسان على نفسه من الانجرار إلى المحادثات الغرامية المحرمة.
1. القرآن الكريم: سورة الروم (30)، الآية 21، الصفحة: 406.
2. وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصي مسائل الشريعة): 2/23، حديث: 24923.
3. وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصي مسائل الشريعة): 2/23، حديث: 24930.